اخترنا لك
الصقر وجندي الشتاء: هل يمكن لكابتن أميركا أن يكون أسود البشرة؟
اخترنا لك: مسلسلات كرتونية
الموسم الأول من مسلسل The Falcon and the Winter Soldier (الصقر وجندي الشتاء)، على منصة +Disney، يناقش هذا السؤال بأدقّ حذافيره، ويحاول عرض قضايا مجتمع الأفارقة الأمريكيين بطريقة مركّبة، في عالم موازٍ يملأه الأبطال الخارقون، هو عالم مارفل السينمائي، أو ما يُسمّى بـ MCU.
يبدأ المسلسل في اللحظة التي ينتهي فيها فيلم Avengers: Endgame، فيه كما يذكر المتابعون، يقدّم ستيف روجرز -كابتن أميركا- درعه لزميله أسود البشرة، سام ويلسون، ويعتزل. مسلسل الصقر وجندي الشتاء، يبدأ بإعادة سام للدرع لـشيلد (وكالة التجسس ومكافحة الإرهاب في عالم مارفل)، والوكالة بدورها تختار جنديًّا جديدًا ليحمل الدرع: جنديّ أبيض البشرة.
خلال المسلسل، ننكشف على الصراع الداخلي على فكرة اختيار كابتن أميركا، وكيفية تحويله إلى رمز يجمع الناس تحت شعاره الأيديولوجي والقومي الأمريكي. الصقر، سام ويلسون، يصارع نفسه طيلة المسلسل لفهم ما إذا كان قراره بالتنازل عن الدرع هو قرار صائب أم لا، ومن خلال هذا الحوار الداخلي المستمر يتمكن من عرض أسئلة عديدة حول قابلية المجتمع الأمريكي مستعدًا لتقبل بطل قومي أسود البشرة أم لا.
خلال المسلسل، يكتشف سام ويلسون أنّ ستيف روجرز لم يكن الجندي الوحيد الذي حصل على مصل القدرات الخارقة، بل حصل عليه جندي آخر -وهو إيشاعيا برادلي- جندي أسود البشرة. برادلي يكشف لسام أنّ المؤسسة أخفته وطمست شخصيته وقصته، وقامت بإجراء التجارب والأبحاث عليه، وحاولت إخفاءه كونها لن تسمح لرجل أسود بحمل درع "كابتن أميركا". ففي الأربعينات (الفترة التي تم فيها تقديم المصل الخارق لستيف روجرز) لم يكن مقبولا على السّلطات أن يكون رجل أسود البشرة رمزًا للقومية الأمريكية. وهكذا يتحوّل المسلسل للتعامل مع الموضوع بشكل حسّاس- كون فكرة حمل الدرع هي فكرة رمزية واستعارة لتمثيل العلم الأمريكي، وفي الواقع، تمثيل الحلم الأمريكي.
في مرحلة معيّنة يقول إيشاعيا برادلي لسام "لن يسمحوا للرجل الأسود بأن يكون كابتن أمريكا. وحتى لو فعلوا ذلك، فلن يرغب أيّ رجل أسود يحترم نفسه في ذلك". وحتى أنه يشكك في أعظم مقدسات الحلم الأمريكي قائلًا: "هل تعتقد أنه يمكنك الاستيقاظ يومًا ما وأن تقرّر من تريد أن تكون؟ الأمر لا يجري بهذا الشكل." شخصية إيشاعيا برادلي هي شخصية هامة في المسلسل، وبنظري فهي المسلسل بأكمله. هي صورة الرجل الأسود في أمريكا اليوم. الرجل الأسود الذي يصرخ "لا أستطيع التنفس"، الرجل الأسود الذي استيقظ من أحلام مارتن لوثر كينغ وبدأ بتقبّل فلسفة مالكولم إكس في فهم الصراع بطريقة مركّبة أكثر من مجرد فلسفة "مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا"، التي دفع إليها مارتن لوثر كينغ. الرجل الأسود الحديث الذي استيقظ من الحلم الأمريكي ليجده كابوسًا، وفهم أنّ الرجل الأبيض صاحب الامتيازات، لن يتغيّر ولن يتنازل عن امتيازاته بسهولة.
لكن في مرحلة متقدّمة أكثر، يأخذ المسلسل مجرى الأحداث لمكان آخر، كونه ما زال مسلسلا أمريكيًا بامتياز. كابتن أميركا الأبيض الجديد، يرتكب جريمة انتقام بشعة أمام الكاميرا ويتم عزله. وعندها يحمل سام ويلسون الدرع، مستوعبًا انه هو وريث الأمثل لكابتن روجرس الأسطوري.
في نهاية المسلسل، يأخذ سام الرجل العجوز إيشاعيا برادلي، إلى متحف كابتن أميركا، ويعرض له غرفة جديدة أضيفت إلى المتحف. غرفة تحكي قصة كابتن أميركا الأسود الأول، إيشاعيا برادلي، الذي أخفت المؤسّسة هويته بسبب لون بشرته. يرمز هذا المشهد بوضوح لمقصد المسلسل كله بنظري، وهو أنه لن تتغيّر الأمور قبل أن تعترف المؤسسة بجريمتها، ولن يقبل الرجل الأسود أمريكيته قبل الاعتراف بالعنصرية ضدّه بشكل واضح وعلنيّ، وذلك إلى جانب الاعتراف بدوره في بناء التاريخ الأمريكي بأكمله.
أما عن الإضافات في المسلسل، فنجد أن دور جندي الشتاء، الذي تعرّفنا إليه سابقًا كـ"باكي"، صديق ستيف روجرز الذي تحوّل إلى بطل خارق سوفييتي بعد أن "غسل" السوفييت دماغه، كبير في المسلسل من ناحية الوقت على الشاشة، ولكنه ضعيف نسبة لدور سام ويلسون. قضية أخرى يمكن متابعتها بالمسلسل هي تكرار فكرة الثقة بالعدو للتخلّص من عدو آخر، ما شاهدناه مع ستيف روجرز سابقًا. في هذا المسلسل يضطر سام وباكي لإيجاد قدرتهم على الثقة بالشرير زيمو ليساعدهم على تنفيذ بعض الخطط في المسلسل.
قضية أخيرة لا بد من ذكرها، هي طبعًا تصميم بدلة كابتن أميركا الجديدة لتلائم سام ويلسون؛ ففي البدلة الجديدة نجد اللون الأبيض يطغى إلى جانب الأزرق والأحمر اللذيْن كانا طاغيين أكثر في البدلة السابقة. زيادة الأبيض بهذه النسبة غريبة بعض الشيء، وكأنّ لون بشرة ستيف روجرز الأبيض كان كافيًا لتمثيل ألوان العلم الأمريكي، فلم تحتجِ البدلة للأبيض، بينما سام -أسود البشرة- بحاجة إلى أبيض في بدلته ليحمل ألوان العلم بشكل كامل. فعلًا انه قرار تصميمي غريب. إضافة أخرى للبدلة هي طبعًا الأجنحة الجديدة. أولًا لأنّ بطلها الجديد هو الصقر سام ويلسون، الذي تعرفنا إليه كصقر أولا، يطير بواسطة أجنحة إلكترونية، فلا يمكنه الاستغناء عن المهارة الخارقة التي طوّرها من خلال ساعات الطيران المتواصلة. وهكذا يتبلور لدينا بطل جديد يحمل اسم "كابتن أمريكا"، أسود البشرة، ولكن أبيض البدلة!
- التاريخ: 03/05/2022
- كلمات مفتاحية: مسلسلات كرتونية